ذكاء الطيور يذهل العلماء
* تتمتع العديد من الطيور البحرية بمهارات عالية متناهية الدقة في الطيران والملاحة الجوية حتى اثناء العواصف، ويمتاز الصقر بقدرته على رؤية فريسته حتى اثناء طيرانه على ارتفاع شاهق.
فعندما يتعلق الامر بالمناورة والادراك الحسي تعد الطيور متفوقة للغاية على الانسان، بل انها أثبتت كونها اكثر مهارة منه وتشير نتائج دراسات تجري حاليا على الطيور من فصيلة الغربان الدرجة التي يمكن ان يصل لها ذكاء هذه المخلوقات.
وكانت نتائج البحث الذي اجرته جامعة روهر الالمانية في بوخام على طيور من عائلة الغربان مفاجئة. واثبتت هذه الدراسات التي أجريت على ثمانية من طيور العقعق، صحة مهارة هذه الطيور.
ففي اختبارات اخفيت فيها اشياء وطلب من هذه الطيور العثور عليها، حققت الطيور نتائج لايحققها عادة سوى الانسان والقردة والكلاب. وقال تقرير في صحيفة الجامعة العلمية ان هذه الطيور تمكنت كذلك من التعرف على صورتها في المرآة.
وثبت ان طيور العقعق قادرة على العثور على الاشياء المخفية التي نقلت من مكان لآخر دون ان تشهد هي حدوث ذلك، وتعد القدرة على العثور على الأشياء شديدة الأهمية للطيور، اذ تعينها على البقاء على قيد الحياة فتلك الطيور تعمد على اخفاء الغذاء ومن ثم العثور عليه لاحقا، ويتقن صغار الطيور هذه المهارة قبل اتمام أسبوعها العاشر عندما تبدأ في مغادرة العش.
ومن الجوانب الأخرى التي تبين وجودها في طيور العقعق سلوكها الاجتماعي شديد التعقيد.. فهذه الطيور قادرة على التعرف على افراد اسرابها.. وهي تتمتع بدرجة عالية من ادراك الذات تجلت من خلال تجارب معقدة استخدمت فيها المرايا.
فبالمقارنة مع طيور الببغاء الاسترالي التي لا تتعرف على صورتها في المرآة حتى لو نظرت اليها اعواما، بل تتعامل معها على أنها صورة لفرد آخر من نوعها، تنظر طيور العقعق الى انعكاسها في المرآة على نحو يدل على الفضول.
وهذا السلوك المرتبط بالذات الذي ينتهجه العقعق امام المرآة يكشف عن انه يدرك انه يشاهد جسمه هو.
وفي مقابلة مع وكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) قال باحث السلوك هلموت بريور من اعضاء الفريق البحثي بالجامعة انه حتى وقت قريب الى حد ما لم تلق قدرات هذه الطيور التقدير الكافي.. وتجلى هذا على نحو خاص في مجال ابحاث الذاكرة، كما يقول بريور في اشارة الى دراسات حديثة أجراها الباحثان البريطانيان نيكولا كلايتون وانطوني ديكينسون.
واثبت هذا البحث البريطاني ان طائر "الثرثار" الأزرق وينتمي ايضا لعائلة الغراب، يمكنه تذكر أكثر من شيء في آن واحد، فضلا عن موقع اخفاء الطعام فهو يتذكر متى اخفاه هناك ونوع الطعام المحفوظ، مما يتيح له استخداما مرنا لمخزونه الغذائي.
وأشار بريور الى دراسة أخرى اثبتت السعة الهائلة لذاكرة بعض الطيور. ففي حالة طائر الثرثار ثبتت قدرته على تذكر آلاف المواقع المنفصلة في وقت واحد من خلال دراسة للباحثين الامريكيين ألان كاميل وراسل بالدا. ولا يعلم الباحثون اي سلوك مشابه في الثدييات، وان كانت الكائنات من ذوات الدم الحار تتمتع بميزات ونقاط قوة أخرى.
ومن اسباب عدم اعطاء الطيور حق قدرها طيلة فترة زمنية طويلة ان تركيب مخ هذه المخلوقات يختلف بشدة عنه في الثدييات والانسان. ومن المرجح ان يكون هذا الاداء الذي يكاد يكون غير معقول للطيور والذي يتم التحكم فيه من خلال قشرة المخ ينفذ بواسطة جهاز عصبي مركب على نحو مغاير للمخلوقات الأخرى، ويتسم هذا الجهاز بأنه شديد التـنظيم.
ويختلف نوع الاداء من طائر لآخر، وكان السبب الرئيسي في تطور قدرات التعلم الهائلة هذه على الأرجح ان التعلم في حد ذاته كان السر في تمتع عائلة الغربان بمميزات لا تتوفر في بعض عائلات الطيور الأخرى. ويشير بريور الى الحمام الزاجل الذي طور امكانات اخرى مختلفة، فاذا كان هذا النوع من الحمام لا يمكنه سوى تذكر مواقع محدودة يحفظ فيها الغذاء الا انه يتمتع بقدرات مذهلة في مضمار الاتجاهات.
By MiDO