درب التبانة أو درب اللبانة هي مجرة لولبية الشكل. تحوي ما بين 200 إلى 400 مليار نجم ومن ضمنها الشمس، ويبلغ عرضها حوالي 100 ألف سنة ضوئية وسمكها حوالي ألف سنة ضوئية، ونحن نعيش على حافة تلك المجرة ضمن مجموعتنا الشمسية والتي تبعد نحو ثلثي المسافة عن مركز المجرة. وإذا نظر الشخص إلى السماء في الليل فقد يرى جزءًا من مجرتنا كحزمة من النجوم، ويرى سكان نصف الكرة الأرضية الشمالي درب التبانة في الصيف والخريف والشتاء. والمنظر في أواخر الصيف أو في مطلع الخريف يأخذ المدى الألمع والأغنى لهذا النهر السماوي: ففي ذلك الوقت من السنة، يمتد درب التبانة من برجي ذات الكرسي والملتهب في الشمال، عبر النصف الشرقي للسماء وعبر مجموعة نجوم تعرف كمثلث الصيف، ثم يغطس نحو الأفق خلال برجي القوس والعقرب. وتحجب الغيوم الفضائية بين برجي مثلث الصيف والقوس، رقعة مركزية واسعة من درب التبانة، مما يجعله يبدو منقسما إلى جدولين. وقرب برجي القوس والعقرب, يكون درب التبانة كثيفا ولامعا جدا، لأن هذا الاتجاه يدل نحو مركز المجرة.
ودرب التبانة أكثر تألقا في بعض أقسامها مما هي عليه في أقسام أخرى. فالقسم الذي يحيط بكوكبة الدجاجة شديد اللمعان، ولكن القسم الأكثر اتساعا ولمعانا يقع أبعد إلى الجنوب في كوكبة القوس، ورؤيتها ممكنة في الفضاء الشمالي على انخفاض كبير في الأمسيات الصيفية، لكن مشاهدتها أكثر سهولة في البلدان الواقعة للجنوب من خط الاستواء.
سبب التسمية:-
تسمى بمجرة درب التبانة أو طريق اللبانة لأن جزء منها يرى في الليالي الصافية كطريق أبيض من اللبن يتمثل للرائي بسبب النور الأبيض الخافت الممتد في السماء نتيجة الملايين من النجوم السماوية المضيئة والتي تبدو رغم أبعادها الشاسعة كأنها متراصة متجاورة، كما ترى كامل المجرة من مجرة أخرى على شكل شريط أبيض باهت في السماء.
The Milky Way وهو ترجمة للتعبير الأغريقي Kiklos Galaxias الذي يعني الدائرة اللبنية. والقصة وراء هذا الاسم هي أن الرضيع هيراكليس(هرقل في النسخة الرومانية)حاول الرضاعة من صدر حيرا. وفيما تعرفه الأمهات الحاضنات في كل مكان، وكإشارة إلى رد فعل خذلان قوي، انتثر بعض الحليب إلى خارج فم هيراكليس. وعندما أخفق في أن ينهل من هذا الجدول القدسي، حرم هيراكليس من فرصته في الخلو. أما الحليب الذي تدفق إلى السماء فقد شكل "الدرب اللبنى" أو درب التبانة باللغة العربية.
أما عن اسم (درب التبانة) فقد جاء من تشبيه عربي، حيث رأى العرب أن ما يسقط من التبن الذي كانت تحمله مواشيهم كان يظهر أثره على الأرض كأذرع ملتوية تشبه أذرع المجرة.
لكن أحدا لم يعرف هذه الخصلة من النجوم ومواصفاتها قبل أن يصنع جاليليو مرقبه الأول. عند ذاك تمكن جاليليو أن يكتشف إنها تتألف من الملايين من النجوم المنفصلة.
نشأة درب التبانة:-
يقدر علماء الفلك أن مجرة درب التبانه تكونت قبل مدة زمنية تقدر بـ12–14 مليار سنة، فيما يعد علماء الفلك المجرة بأنها صغيرة العمر نسبيًا بالنسبة لمجرات كونية أخرى. و تم تحديد عمر المجرة باستخدام تقانة علم التسلسل الزمني الكوني
في عام 2007، تم تقدير عمر نجم يدعى، HE 1523-0901 ويقع خارج المجرة ويبعد عنا نحو 13.2 بليون سنة، أي ما يقارب عمر الكون (يقدر عمر الكون بنحو 7و13 مليار سنة) . وهو يمثل أقدم جرم سماوي آنذاك فقد وضع حدوداً دنيا لعمر مجرة درب التبانة.[5] تم التحقق من هذا التقدير بواسطة مطياف UV-Visual Echelle للتلسكوب العظيم.[5]
يمكن تقدير عمر النجوم الواقعة في القرص المجري الرقيق بطريقة مشابهة لـHE 1523-0901. كانت نتائج القياسات بحدود 8.8 ± 1.7 مليار سنة مضت ، وهذا يقترح بأن فجوة عمرها حوالى 5 مليار كانت هناك بين فترة تكون الهالة وبين القرص الرقيق.[8]
مكونات المجرة:-
تعتبر مجرة درب التبانة واحدة من ضمن مجرة حلزونية الكبيرة ، وهي في شكل القرص وتدور حول نفسها دورة كل نحو 250 مليون سنة . ونظرا لدوران المجرة ودوران النجوم فيها حيث تدور النجوم القريبة من مركز المجرة أسرع من النجوم التي على الحافة بالإضافة إلى اختلاف شدة الجاذبية من مكان إلى مكان داخل المجرة بفعل تزايد كثافة النجوم في بعض الجهات ، فتعمل تلك المؤثرات على تكون أذرع حلزونية للمجرة . وتقع المجموعة الشمسية على أحد تلك الأذرع ويسمى ذراع الجبار وهو يقع بالنسبة لمركز المجرة على بعد نحو ثلثي نصف قطر المجرة . كما تشتمل المجرة على عدة أذرعة أخرى حلزونية تبدأ عند المركز متفرعة إلى الخارج ، منها ذراع حامل رأس الغول Perseue Arm وهو الذراع الذي يجاورنا مباشرة نحو حافة المجرة ، و ذراع رامي القوس Sagittarius Arm وهو قريب منا من جهة مركز المجرة ، كما تحوي المجرة عدة أذرع أخرى تشغل قرص المجرة . وتسمى الأذرعة بتلك التسميات حيث يتميز كل ذراع بكوكبة شديدة السطوع فيه. فيتميز ذراع حامل رأس الغول بكوكبة حامل رأس الغول وذراع رامي القوس يتميز بوجود كوكبة الرامي (كوكبة) ، وكذلك ذراع الجبار Orion Arm فهو يحوي كوكبة الجبار (كوكبة) والكوكبة بدورها تعرف بسديم الجبار.
وتقسم بنية المجرة إلى ثلاثة أقسام رئيسية:-
* النواة: وهي عبارة عن انتفاخ مضيئ شبه كروي (بينت القياسات الحديثة بأن شكلها ضلعي )يحتل مركز المجرة ،كما بينت قياسات العشر سنوات الأخيرة وجود ثقب أسود عملاق في مركز المجرة وتبلغ كتلته نحو 2 مليون كتلة شمسية. يزذاد أتساعه ووهجه مع كبر عمر المجرة ، كما توجد في المركز تجمع هائل للنجوم والغبار الكوني . ويمكن بسهولة رؤية مركز المجرة المنتفخ نسبيا ليلا في وسط الطريق اللبني .
* الأذرع: هي التي تحيط بالنواة المجرية على شكل لحزوني وهي أذرع عملاقة تدور حول مركز المجرة. ومنها ذراع الجبار (أوريون) الذي يبعد نحو 26 ألف سنة ضوئية عن مركز المجرة, ويقدر العلماء عدد النجوم التي يحويها هذا الذراع وحده بـمائتي ألف نجم من ضمنها نجم نظامنا الشمسي (الشمس)، كما يقدر قطر المجرة حوالي 100 ألف سنة ضوئية . وتوجد الشمس متواجدة على بعد 30 ألف سنة ضوئية من مركز هذا المجرة ، ويبلغ طوله رغم قصره نسبيا نحو 6.500 سنة ضوئية و سمكه يصل إلى 1000 سنة ضوئية.
* الهالة: وهي عبارة عن الإكليل الذي يحيط بالقرص المجري إلى مسافات بعيدة والمتكون من غازات مختلفة وسحب كونية.
المجموعة المحلية:-
كان العلماء ومنهم أينشتاين يعقدون حتى عام 1929 أن الكون يتكون من مجرتنا ، مجرة درب التبانة فقط والتي تحتوي على نحو 100 إلى 200 مليار من النجوم . ثم بينت القياسات التي أجراها إدوين هابل خلال الأعوام 1927 إلى 1929 أن مجرة المرأة المسلسلة هي مجرة مستقلة بنفسها وانها تقع نبعد عنا بنحو 5و2 مليون سنة ضوئية . ولم تنحصر قياسات هابل على ذلك فقط فقد قام بقياس المئات من المجرات الأخرى وهي تبعد عنا أبعادا عظيمة جدا تفوق بعد مجرة المرأة المسلسلة عنا . ونحن نعرف اليوم أن الكون يحوي نحو 100 مليار من المجرات منها الكبير والصغير .
كما يبين الرصد الفلكي الحديث أن مجرتنا تنضم إلى تجمع مجرات قريب منا يسمى المجموعة المحلية Local Group ، ومنها مجرة المرأة المسلسلة وهي أكبر من مجرتنا حيث يبلع قطر مجرة المرأة المسلسلة نحو 150 ألف سنة ضوئية بينما يبلع قطر مجرتنا نحو 100 الف سنة ضوئية فقط . وتحوي المجموعة المحلية نحو 30 مجرة هي أقرب المجرات لنا وأكبرهم هما مجرة المرأة المسلسلة ومجرتنا وأما المجرات الأخرى فتعتبر مجرات قزمة .
ويقع مركز المجموعة بين المجرة الكبيرة أندروميدا التي تبعد عنا نحو 5و2 مليون سنة ضوئية وبيننا. تشغل المجموعة مكانا في الفضاء يبلغ قطره 10 مليون سنة ضوئية . أهم أعضاء المجموعة المحلية تشكلها مجرتنا درب التبانة ، و المرأة المسلسلة ( أندروميدا) (وهي أكبر من مجرتنا ) و مجرة المثلث Triangulum.
وتبلغ كتلة المجموعة المحلية نحو (1.29 ± 0.14) × 1012 كتلة شمسية . كما أن المجموعة المحلية تنتمي إلى مجموعة أكبر وهي مجموعة العذراءالعظمى Virgo Super cluster ، وهي تبعد عنا نحو 50 مليون سنة ضوئية .